بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده.
اِعْلَمْ أَنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ بَدَأَ مُنْذُ عَهْدِ النَّبِيِّ صلعم. اَلصِغَارُ يَبْدَأُونَ حِفْظَ الْقُرْآنِ مَعَ عُلُومِ الْأُخْرَىٰ مَا يُنَاسِبُهُمْ كَمَا نُسَمِّي الثَقَافَةَ، وَهِيَ اللُغَةُ الْعَرَبِيَّةِ وَالسِيرَةُ وَغَيْرُ ذَالِكَ. وَبَقِيَ كَذَالِكَ قُرُونًا حَتَّى جُدِّدَ فِي عَصْرِنَا أَوْ قَبْلَنَا بِقَلِيلٍ.
إِذَا ظَنَنْتَ أَنَّكَ مَكَثْتَ فِي التَحْفِيظِ أَوْ مَا يُسَمِّي بَعْضُنَاالْكُتَّابَ مُدَّةً طَوِيلَةً، حَتَّى إِنَّكَ مَاسْتَطَعْتَ أَنْ تَفْعَلَ بَعْضَ مَا هَمَمْتَ، لِتَحْصلَ عَمَلاً أَوْ تِجَارَةً تُرْزَقُ بِهَا، اُذْكُرْ أَحْوَالَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَارِيخِنَا الْإِسْلَامِيَّةِ، اُذْكُرْ أَهْلَ الْبَدْرِ، اَلَّذِينَ رَفَعَهُمُ اللَّهُ عَلَىٰ سَائِرِ الْأُمَّةِ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْغَزْوَةِ بِفَضْلِهِ، وَاذْكُرْ أَهْلَ بَيْعَةِ رِضْوَانِ حَيْثُ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمْ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْبَيْعَةِ بِفَضْلِهِ، وَاذْكُرْ أَبَابَكْرٍ، مَا كَذَّبَ النَّبِيَّ قَطّ لَمَّا دَعَاهُ إِلَىٰ الْإِسْلَامِ، فَمَا نَسِيَ النَّبِيُّ ذَالِكَ بَعْدُ، اُذْكُرْ حَمْزَةَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ بِغَزْوَتَيْنِ دُونَ الصَحَابَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَدُوَّ خَافُوا مِنْهُ بِقُوَّتِهِ وَطَاقَتِهِ وَصَارَ سَيِّدَ الشُهَدَاءِ، وَاذْكُرْ بِلَالاً وَخَدِيجَةَ وَعَمَّارًا وَكَثِيرًا مِنْ أَمْثَالِهِمْ، عَمِلُوا عَمَلاً، وَمِنْ أَجْلِ ذَالِكَ صَارُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
لَرُبَّمَا أذنبوا أَيْضًا، لَاكِنْ قَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُمْ عَمَلًا صَالِحًا فَغَفَرَ لَهُمْ وَرَفَعَهُمْ بِهَا فِي الدُنْيَا وَالْآخِرَةِ ثُمَّ إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَمَا بَالُ رَجُلٍ مَكَثَ سِنِينَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ، يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَنَصَبٌ وَشِدَّةٌ فِي اللّٰهِ.
أَنَا فَرِحَانٌ بِحِفْظِي القُرْآنَ، وَأَتَذَكَّرُ فِي ذَالِكَ كُلَّمَا قَرَأْتُهُ. وَفَهْمُهُ لَيْسَ صَعْبٌ. اِفْرَحْ فِي حِفْظِكَ الْقُرْآنَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَرِحَانٌ مِنْ قَبْل، اِخْتَارَكَ اللّٰهُ حَافِظًا لكتاب الله، فَكُنْ مَسْئُولًًا وَقَرِّبْ بِهَا إِلَىٰ اللَّٰهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ. فَإِنَّ ذَالِكَ عَلَامَةٌ حَمِيدَةٌ.
فَضَائِلُهُ كَثِيرٌ، وَبَرَكَتُهُ جَسِيمَةٌ، يَنْفَعُكَ فِي الدُنْيَا وَالْآخِرَةِ. رُدُّوا إِلَىٰ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّٰهِ لِفَضَائِلِ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَبَشَّارَتِهِ.
والسلام.
أبوعبدِالله جَغتى
٩ ذوالقعدة ١٤٤٣
٨ يونيو ٢٠٢٢